الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يُرْوَى ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ, حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ رُوِيَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ, فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ فَنَظَرَ إِلَيَّ فَتَبَسَّمَ فَقَالَ: "يَا أَبَا هِرٍّ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ" قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "اقْعُدْ فَاشْرَبْ" فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ, فَمَا زَالَ يَقُولُ: "اشْرَبْ" حَتَّى قُلْتُ: "لَا وَالَّذِي بَعَثَكُ بِالْحَقِّ مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا" قَالَ: "فَأَرِنِي " فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ1.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ رَحِمَهُ اللَّهُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بن داود المهر حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: كَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّ يَهُودِيَّةً مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ سَمَّتْ شَاةً مَصْلِيَّةً ثُمَّ أَهْدَتْهَا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذِّرَاعَ فَأَكَلَ مِنْهَا وَأَكَلَ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مَعَهُ, ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ" وَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَرْأَةِ فَدَعَاهَا فَقَالَ لَهَا: "أَسَمَمْتِ هَذِهِ الشَّاةَ" قَالَتِ الْيَهُودِيَّةُ: مَنْ أَخْبَرَكَ. قَالَ: "أَخْبَرَتْنِي هَذِهِ الَّتِي فِي يَدِي" وَهِيَ الذِّرَاعُ. قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: "فَمَا أَرَدْتِ بِذَلِكَ" قَالَتْ: قُلْتُ إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا فَلَنْ تَضُرَّكَ, وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَبِيًّا اسْتَرَحْنَا مِنْكَ. الْحَدِيثَ وَهُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مَوَاضِعَ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا2. لَكِنِ الشَّاهِدُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَصْرَحُ وَهُوَ قَوْلُهُ: "أَخْبَرَتْنِي هَذِهِ". لِلذِّرَاعِ. وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي عَامَّةِ الْأُمَّهَاتِ وَغَيْرِهَا. وَدَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْثَرَ مِنْ أَنْ تُحْصَى فِي الْأَسْفَارِ فَضْلًا عَنْ هَذَا الْمُخْتَصَرِ, وَقَدْ جُمِعَتْ فِيهَا التَّصَانِيفُ الْمُسْتَقِلَّاتُ مِنَ الْمُخْتَصَرَاتِ وَالْمُطَوَّلَاتِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَكَذَا قَدْ صُنِّفَتِ التَّصَانِيفُ الْجَمَّةُ فِي صِفَاتِهِ الْخَلْقِيَّةِ وَالْخُلُقِيَّةِ وَسِيرَتِهِ وَشَمَائِلِهِ وَمُعَامَلَاتِهِ مَعَ الْحَقِّ وَمَعَ الْخَلْقِ, فَلْتُرَاجِعْ لَهَا مُصَنَّفَاتَهَا. وَكَذَا خَصَائِصَهُ