اختصاصه بعموم الرسالة إلى الثقلين وتأييده بالمعجزات الباهرة

بَعْدَ اسْتِثْنَاءٍ, ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ قُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ فِي سَطْرَيْنِ, وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذَا. قُلْتُ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْفَيْلَسُوفُ مِقْدَارُ فَهْمِهِ وَمَبْلَغُ عِلْمِهِ, وَإِلَّا فَبَلَاغُةُ الْقُرْآنَ فَوْقَ مَا يَصِفُ الْوَاصِفُونَ, وَكَيْفَ يَقْدِرُ الْبَشَرُ أَنْ يَصِفُوا صِفَاتَ مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.

وَمِنْ ذَلِكَ انْشِقَاقُ الْقَمَرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [الْقَمَرِ: 1] الْآيَاتِ, وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ"1 وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِرْقَتَيْنِ: فِرْقَةً فَوْقَ الْجَبَلِ وَفِرْقَةً دُونَهُ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْهَدُوا", زَادَ فِي رِوَايَةٍ: وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2.

وَمِنْهَا حَنِينُ الْجِذْعِ إِلَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ, فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَوْ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا قَالَ: "إِنْ شِئْتُمْ" فَجَعَلُوا لَهُ مِنْبَرًا, فلما كان يوم الْجُمُعَةَ دُفِعَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ, ثُمَّ نَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَمَّهَا إِلَيْهِ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّنُ, قَالَ: "كَانَتْ تَبْكِي عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَهَا" 3. وَفِي رِوَايَةٍ "قَالَ: فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ وَكَانَ عَلَيْهِ فَسَمِعْنَا مِنْ ذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ الْعِشَارِ, حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَضْعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ"4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015