{أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} [الصَّفِّ: 10-14] الْآيَةَ.

وَقَالَ النَّبِيُّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" 1 الْحَدِيثَ, وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ حَتَّى يَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ بِأَنْ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" 2, أَوْ كَمَا قَالَ, وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اغْزُوَا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ" 3 الْحَدِيثَ.

وَالْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ فِي الْجِهَادِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى, وَقَدْ أُفْرِدَتْ لَهَا مُصَنَّفَاتٌ مُسْتَقِلَّاتٌ. وَالْجِهَادُ ذُرْوَةُ سَنَامِ الْإِسْلَامِ, وَلَا يَقُومُ إِلَّا بِهِ, كَمَا أَنَّ بَيَانَ شَرَائِعِهِ لَا تَقُومُ إِلَّا بِالْكِتَابِ, وَلِهَذَا قَرَنَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُمَا فَقَالَ: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} [الْحَدِيدِ: 25] فَالْكِتَابُ لِبَيَانِ الْحَقِّ وَالْهِدَايَةِ إِلَيْهِ, وَالْحَدِيدُ لِحِمْلِ النَّاسِ عَلَى الْحَقِّ وَأَطْرِهِمْ عَلَيْهِ.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَذِنَ اللَّهُ لَهُ بِالْقِتَالِ وَأَمَرَهُ بِهِ, شَمَّرَ عَنْ سَاعِدِ الِاجْتِهَادِ فِي شَأْنِهِ, وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ مَا كَانَ مِنَ الْوَقَائِعِ الْمَشْهُورَةِ وَالْغَزَوَاتِ الْمَذْكُورَةِ كَبَدْرٍ وأحد والخندق وخيبر وَالْفَتْحِ وَغَيْرِهَا فَوْقَ عِشْرِينَ غَزْوَةً وَفَوْقَ أَرْبَعِينَ سَرِيَّةً, وَنَصَرَهُ اللَّهُ بِالرُّعْبِ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِهِ مَسَافَةَ شَهْرٍ, حَتَّى فَتَحَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015