قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَمْ يَبْلُغْنَا فِي الْأَحَادِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ تَامٍّ إِلَّا هَذَا الْبَيْتِ1.
وَهَذَا الْكَلَامُ كَمَا تَرَى لَيْسَ مِنْ بَابِ الشِّعْرِ, وَلَا هُوَ فِي شَيْءٍ مِنْ بُحُورِهِ وَأَوْزَانِهِ, وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامٌ مُنْتَثِرٌ اتَّفَقَتْ تَقْفِيَتُهُ لَا عَنْ قَصْدٍ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا.
وَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ, وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ وَنَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَابٌّ لَا يُعْرَفُ, قَالَ: فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِي السَّبِيلَ. قَالَ: فَيَحْسَبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيقَ, وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الْخَيْرِ. فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا, فَالْتَفَتَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ" فَصَرَعَهُ الْفَرَسُ, ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ, فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مُرْنِي بِمَا شِئْتَ. قَالَ: فَقِفْ مَكَانَكَ لَا تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا. قَالَ: فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ آخِرَ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ, فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَانِبَ الْحَرَّةِ, ثُمَّ بَعَثَ إِلَى الْأَنْصَارِ فَجَاءُوا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِمَا, وَقَالُوا: ارْكَبَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ, فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ وَحَفُّوا بِهِمَا بِالسِّلَاحِ, فَقِيلَ فِي الْمَدِينَةِ: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ, جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَشْرَفُوا يَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ, جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقْبَلَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ دَارِ أَبِي أَيُّوبَ فَإِنَّهُ لَيُحَدِّثُ أَهْلَهُ إِذْ سَمِعَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَهُوَ فِي نَخْلٍ لِأَهْلِهِ يخترف لهم, فجعل أَنْ يَضَعَ الَّذِي يَخْتَرِفُ لَهُمْ فِيهَا. فَجَاءَ وَهِيَ مَعَهُ, فَسَمِعَ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ, فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّ بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ؟ " فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ, هَذِهِ دَارِي وَهَذَا بَابِي. قَالَ: "فَانْطَلِقْ فَهَيِّئْ لَنَا مَقِيلًا" قَالَ: قُومَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ تَعَالَى. فَلَمَّا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ