وَلَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَيْلَمَانِيِّ قَالَ: اجْتَمَعَ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ أَحَدُهُمْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِيَوْمٍ" فَقَالَ الْآخَرُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَأَنَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِنِصْفِ يَوْمٍ" فَقَالَ الثَّالِثُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَأَنَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِضَحْوَةٍ" وَقَالَ الرَّابِعُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَأَنَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ بِنَفْسِهِ" 1.
وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ عَبْدِهِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ" 1.
وَهَذَا تَوْقِيتُ زَمَانِ التَّوْبَةِ فِي حَقِّ كُلِّ فَرْدٍ مِنَ الْعِبَادِ, وَأَمَّا فِي حَقِّ عُمْرِ الدُّنْيَا, فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ أَنَّهَا تَنْقَطِعُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا لِأَنَّهَا أَوَّلُ آيَاتِ الْقِيَامَةِ الْعِظَامِ وَحِينَ الْإِيَاسِ مِنَ الدُّنْيَا, كَمَا أَنَّ رُؤْيَةَ مَلَكِ الْمَوْتِ آيَةُ الِانْتِقَالِ مِنَ الدُّنْيَا وَحِينَ الْإِيَاسِ مِنَ الْحَيَاةِ, وَكَذَلِكَ الْأُمَمُ الْمَخْسُوفُ بِهَا انْقَطَعَتِ التَّوْبَةُ عَنْهُمْ بِرُؤْيَتِهِمُ الْعَذَابَ. قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ، فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ، فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} [غَافِرٍ: 82-85]