5- لا يكفر المؤمن بالمعاصي إلا إذا استحلها

يَشَأْ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ يُحَاسِبْهُ الْحِسَابَ الْيَسِيرَ الَّذِي فَسَّرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْعَرْضِ وَقَالَ فِي مَعْنَى الْعَرْضَ فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ فِي صِفَتِهِ: "يَدْنُوَا أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ, فَيَقُولُ: أَعَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. وَيَقُولُ: أَعَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. فَيُقَرِّرُهُ ثُمَّ يَقُولُ: إِنِّي سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ" 1.

وَأَمَّا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ النَّارَ بِذُنُوبِهِمْ فَهُمْ مِمَّنْ يُنَاقَشُ الْحِسَابَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ" 2. نَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُيَسِّرَ حِسَابَنَا وَيَتَجَاوَزَ عَنَّا وَيَغْفِرَ لَنَا بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ.

5- عَامِلُ الْكَبِيرَةِ يُكَفَّرُ بِاسْتِحْلَالِهِ إِيَّاهَا:

وَلَا نُكَفِّرُ بِالْمَعَاصِي مُؤْمِنًا ... إِلَّا مَعَ اسْتِحْلَالِهِ لِمَا جَنَى

"وَلَا نُكَفِّرُ بِالْمَعَاصِي" الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا وَأَنَّهَا لَا تُوجِبُ كُفْرًا, وَالْمُرَادُ بِهَا الْكَبَائِرُ الَّتِي لَيْسَتْ بِشِرْكٍ, وَلَا تَسْتَلْزِمُهُ وَلَا تُنَافِي اعْتِقَادَ الْقَلْبِ وَلَا عَمَلَهُ "مُؤْمِنًا" مُقِرًّا بِتَحْرِيمِهَا مُعْتَقَدًا لَهُ, مُؤْمِنًا بِالْحُدُودِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا, وَلَكِنْ نَقُولُ يَفْسُقُ بِفِعْلِهَا, وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِارْتِكَابِهَا, وَيَنْقُصُ إِيمَانُهُ بِقَدْرِ مَا تَجَارَأَ عَلَيْهِ مِنْهَا. وَالدَّلِيلُ عَلَى فِسْقِهِ وَنُقْصَانِ إِيمَانِهِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النُّورِ: 4-5] .

وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ آيَاتِ الْحُدُودِ وَالْكَبَائِرِ, وَقَوْلُ النَّبِيِّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَزْنِي الزَّانِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015