فلا يخفى على العالم بلسان العرب أن " الصغو " هو الميل إلى الشيء لا عن الشيء. ومنه صاغية الرجل: لأتباعه وصغوه معك: أي: ميله وأصغيت إلى فلان: أي: ملت بسمعك نحوه. ومنه الحديث: ينفح في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتاً، أي: أمال صفحة عنقه إليه، وقالوا: الصبي: أعلم بمصغى خده، أي: هو أعلم إلى من يلجأ أو حيث ينفعه. ومنه صغت الشمس والنجوم، أي: مالت إلى الأرض وفي حديث الهرة: " كان يصغي لها الإناء" أي: يميله ليسهل عليها الشرب. ومن ذلك لجوف الإناء لما يجتمع فيه المشروب أنشد ابن بري شاهداً على الإصغاء بالسمع لشاعر:
ترى السفيه به عن كل مكرمة ... زيغ فيه إلى التسفيه إصغاء
وقال ذو الرمة يصف الناقة:
تصغى إذا شدها بالكور جانحة ... حتى إذا ما استوى في غرزها تثب
وقال الأعشى في صغو العين يصف كلباً:
ترى عينها صغواء في جنب مؤقها ... تراقب كفي والقطيع المحرما
وقال النمر بن تولب في إصغاء الإناء بمعنى الإفراغ:
وإن ابن أخت القوم مصغىً إناؤه ... إذا لم يزاحم خاله باب جلد