أنقذت من دَاء الْهوى بعلاج ... شيب يزين مفارقي كالتاج
قد صدني حلم الأكابر عَن لمي ... شفة الفتاة الطفلة المغناج
ماءُ الشبيبة زارع فِي صدرها ... رمانتي روض كحق العاج
وَكَأَنَّهَا قد أدرجت فِي برقع ... يَا ويلتاه بهَا شُعَاع سراج
وكأنما شمس الْأَصِيل مذابة ... تنساب فَوق جبينها الْوَهَّاج.
يعلى لموقع جنبها فِي خدرها ... فَوق الحشية ناعم الديباج.
لم يبك عَيْني بينُ حَيّ جيرة ... شدوا الْمطِي بأنسع الأحداج
نادت بأنغام اللحون حداتهم ... فتزيلوا وَاللَّيْل أليل داجي
لَا تصطبيني1 عاتق فِي دلّها ... رقت فراقت فِي رقاق زجاج
مخضوبة مِنْهَا بنان مديرها ... إِذْ لم تكن مقتولة بمزاج
طابت نفوس الشّرْب حَيْثُ أدارها ... رشأ رمى بلحاظ طرف ساجي
أَو ذَات عود أنطقت أوتارها ... بِلُحُونِ قَول للقلوب شواجي
فتخال رنات المثاني أحرفاً ... قد رددت فِي الْحلق من مهتاج
وَقد سَأَلت رَحمَه الله عَن تَركه الشّعْر مَعَ قدرته عَلَيْهِ وإجادته فِيهِ فَقَالَ: "لم أره من صِفَات الأفاضل. وخشيت أَن أشتهر بِهِ وتذكرت قَول الشَّافِعِي فِيمَا ينْسب إِلَيْهِ:
وَلَوْلَا الشّعْر بالعلماء يزري ... لَكُنْت الْيَوْم أشعر من لبيد
وَلِأَن الشَّاعِر يَقُول فِي كل مجَال، وَالشعر أكذبه أعذبه، فَلم أَكثر مِنْهُ لذَلِك".
وَمَعَ هَذَا فقد كَانَت لَهُ رَحمَه الله عدَّة مؤلفات نظماً فِي عدَّة فنون سَيَأْتِي بَيَانهَا إِن شَاءَ الله.