أذيعت من دمشق سنة 1952
لي عادة قبيحة هي أن أسير في عملي على قاعدة «لا تؤخر إلى الغد ما تستطيع عمله بعد غد»؛ فأنا أرجئ كتابة مقالاتي وأحاديثي إلى اللحظة الأخيرة، ثم أجمع ذهني وأسرع في كتابتها. أي أني على طريقة الأرنب لا على طريقة السلحفاة. وقد قال أناتول فرانس: «ليقل لافونتين ما شاء، فإن الأرنب تسبق السلحفاة دائماً».
فلما كلفتني محطة الشرق الأدنى بهذا الحديث أخّرته، حتى إذا لم يبقَ على موعد تسجيله إلاّ ساعتان ومدةُ السفر إلى بيروت اعتكفت في غرفتي وبدأت أفكر في الموضوع، فلا أعتمد موضوعاً. وإني لفي تفكيري، وإذا بباب الغرفة يُفتح بلا إنذار ولا إعذار ولا استئذان، وإذا بشابين غريبين عني لا أعرفهما يدخلان عليّ دخول ألمانيا على بلجيكا في الحرب الماضية، أما أحدهما فله رأس كبير كرأس دب هائل، قد نفش شعره من فوق ومن الجانبين حتى كأنه ديك حبش (?) قد خرج من معركة ... ووضع