نُشرت سنة 1934
كنت في الصف وكان موضوع الدرس شيئاً لا نعرف نحن معشر المعلمين، ولا يعرف من هم فوقنا، مدلوله إلاّ بالتقريب؛ ذلك الشيء الذي يحويه ثبت الدروس الرسمية ويُهمل في الواقع، هو ... «المحادثة». وقد زعمتُ مرة أني فهمت موضوع هذا الدرس وافترضت أني مجنون حقيقة (إذ إن كل معلم مجنونٌ مجازاً ولا مؤاخذة ... جنون عبقرية لا جنون مارستان)، ورحت أتحدّث أنا وتلاميذي؛ أسخر منهم ويسخرون مني، وأسألهم ويسألونني. ولِمَ لا؟ أليس الدرس درس محادثة؟ هَلُمّ فلنتحدّث!
سألتهم: ماذا يختار كل واحد منهم من المهن إذا هو بلغ مقبل أيامه وصار رجلاً (أعني بحسب الظاهر)؟ وهذا السؤال -على ما فيه من سخف بَيِّن- شائعٌ فينا معشر المعلمين، نلقيه في أوجه التلاميذ كلما لاحت لنا مناسبة أو أخرجنا هذه المناسبة من جيوبنا!
فقال واحد منهم: أما أنا فأريد أن أكون مختاراً (أي عمدة).
حسن، إن المختارية (العمودية) غاية ما يطمح إليه تلميذ