كنا كالمسافر يجتاز بالدنيا مسرعاً، فيبصر الدور والمساكن وكل ما على الطريق، لكن لا يستوعبه. فإذا تمهلنا رأينا جمالها واستمتعنا بحسنها. وما الحياة إلاّ سَفَر، وما نحن إلاّ رَكْب الحياة، ولكننا نغمض عيوننا عن جمال الروض وبهاء الينبوع وفتنة الوادي، ولا ننظر إلاّ إلى الغاية ... والغاية المال؛ المال، فنحن أبداً نركض وراء المال، نفيق فنسرع إلى الديوان أو إلى السوق نفتش عن المال، أما النفس فلا نخلو بها، أما الطبيعة فلا ننظر إليها. ثم إنّا نقطع أجمل مراحل الطريق، وهي مرحلة السحر من كل يوم، ونحن نيام. ويوم العيد هو اليوم الذي ننسى فيه المال ساعات معدودات لنفتش عن الجمال، فلذلك كان هذا اليوم عيداً، ولو فعلنا ذلك كل يوم لكانت أيامنا كلها أعياداً.
والأعياد إما أن تكون أعياداً للدين، لذكريات دينية تتصل بالعقيدة، وتنبثق عن الإيمان، وتكون ذكراً وعبادةً، يتوجه فيها الناس إلى ربهم، ويقيمون شعائرهم في معابدهم، ويتبعون فيها أوضاعاً وأحوالاً أمَرهم بها دينهم، أو حسبوا أنه أمرهم بها. وأكثر أعياد الناس أو كلها، إنما كانت من الأعياد الدينية، سواء في ذلك الأمة التي تدين دين الحق والأمم التي تدين أديان الباطل.
وإما أن تكون أعياداً وطنية، ذكريات أحداث جسام كان لها في حياة الأمة أثر، أو معارك مظفرة، أو أعمال لهذه الأمة باهرة؛ كأعياد الاستقلال وأعياد إقامة الدول.
وأعياد للفن والرياضة يحتشد لها الناس ويتبارى فيها أرباب اللَّسَنِ والفصاحة وأصحاب القوة والبراعة. وربما صحب ذلك