على أني لا أمدح أغاني الماضي، فأكثر كلامها كلام فارغ أو بذيء، ولكن أذكر هنا النغم، فإن لم يكن بدٌّ من الغناء فمثل هذا. وإذا أردتم أن تطعّموا ألحاننا بألحان الإفرنج فاصنعوا كما صنع سيد درويش على الأقل، أما هذا الـ «قرف» الذي نسمعه من ذلك المسخ الذي اسمه عبد الحليم حافظ وأمثاله من عجائب المخلوقات الذين لا نعرفهم رجالاً لهم رجولة الرجال ولا نساء لهم أنوثة النساء ولا ندري ما هم، ما نراهم إلا مخانيث، أما هذا فشيء لا يطاق.
أين الملحنون الفحول؟ أليس من العجيب أن نجيء إلى نشيد «الحمد لك والشكر لك» فلا نجد له إلا هذا اللحن المائع، من هذا الحنك المرخي، وهذه الرجولة المزورة، فيمسخ النشيد من نشيد الرجولة الشاكرة الحامدة إلى ... كاد يسبق لساني فأقول الكلمة التي لا يقال هنا غيرها، ثم ذكرت أني أتكلم في الإذاعة وأنه لا يجوز أن يقال فيها ذلك الكلام.
وما لنا وللغناء الإفرنجي؟ رأيت مرة فلماً غنائياً يغني فيه رجال ونساء مجتمعين ويصرخون فيه ذلك الصراخ، فما شبهتهم إلا بقطتين وكلبين ربطتها جميعاً، ثم دست على ذنب القط مرة وعلى ذنب الكلب مرة فصرخا معاً، فكان هذا الغناء الإفرنجي. وأنا أعتذر إلى من يدفعه التقليد إلى الغيرة على هذا الغناء، فإن هذا رأيي، وأنا رجل لا أفهم الموسيقى الفرنجية فما أصنع؟
ولقد فتحت الراد مرة (وقلما أفتحه) فسمعت أصوات آلات متنافرة، فقدرت أن الفرقة تصلح آلاتها (تدوزنها) قبل العزف،