أوضاع المحبين؟ هل يصوّر مجلى من مجالي الطبيعة؟ هل يهزّ سامعه؟ هل يسمو بخياله؟ هل يحرك عاطفته؟
هل هو فن نقبله من أجل الفن؟ هل هو توجيه؟ هل هو للوطن؟
إن أكثر ما نسمع من ألفاظ الأغاني ليس في شيء من ذلك كله، ما هو إلا كلام عامي ساقط لا معنى فيه ولا مبنى، وإن ثقله وغثاثته وبرده وسماجته يفسد حلاوة النغم الحلو، إن كان معه نغم حلو. وأنّى؟ إن أكثر الأنغام اليوم مستكرَه ثقيل. أقول أكثرها، لا كلها، لأن من الإنصاف أن نقرر أن في الأنغام ما هو عذب سائغ مطرب.
ولا أدري لماذا لا يغني جماعة هذا الفن الجديد كما يغني الناس؟ لماذا لا ينطلقون بالغناء على سجيتهم؟ إن العلم يكون عالمياً لأن طرق التفكير واحدة في الأمم كلها، أما الفن فلا يمكن أن يكون عالمياً أبداً. إننا يستحيل أن نطرب لأغاني الإفرنج كما يستحيل أن يطربوا لأغانينا، ولكنهم يصرّحون بذلك لقوتهم وشعورهم بأنفسهم وننكر ذلك ونتظاهر بضده لشعورنا بالضعف، هذا الشعور الذي وضعوه في نفوسنا في أوائل هذا القرن والذي حاولنا الآن أن نبرأ منه ونتخلص من بقاياه.
فلماذا يقلد جماعة المغنين أوربا في غنائها؟ ويا ليتهم يقلدونها ويأتون بفنها كما هو، فلا يفسدوا الفنّين ويزوغوا عن الطريقتين ويأتوا بشيء لا شرقي ولا غربي ولا شمالي ولا جنوبي!