كان غائباً، أو كان مقيداً لا يستطيع أن يصنع شيئاً، لم يبقَ مانعٌ من الجريمة ولا وازع للمجرم.
ولقد طالما شكى إليّ رجال الشرطة الأخلاقية، من أنهم يعرفون أرباب الدعارة وبيوتها، ولكنهم لا يستطيعون أن يعملوا شيئاً لأنه ليس لديهم قانون وازع رادع، وأنهم يقبضون على المرأة الفاسدة فلا يملكون لها شيئاً، إلا أن تكون مريضة فيعالجوها لتبرأ فتعاود الفساد، ويطلقوها تَفسُد وتُفسِد ولكن تحت المراقبة ... أي أننا نمسك اللص فنقول له: لا بأس أن تسرق، ولكن اقعد في مركز معين واسرق بعلمنا ورأينا!
وعمل رجال الشرطة الأخلاقية صعب، صعب جداً، لأنهم أمام إغراء بالجمال وإغراء بالمال، ويحتاجون إلى إيمان الصّدّيقين وصبر الشهداء ليقاوموا ويصبروا؛ لذلك يجب أن يُختاروا -ما أمكن- من الكهول المجربين أصحاب الخلق والدين، وأن يُعطَوا تعويضاً ضخماً فوق الراتب. ومهما أخذوا فإنهم الخاسرون لأنهم في موقف امتحان فظيع. وأن يزاد عددهم، وأن يكون في يدهم سلطان يحاربون به الدعارة، ومن ورائهم قضاء لديه قانون صارم يمكنه من عقوبة لصوص الأعراض مثل عقوبة لصوص المال. ومن خان منهم أمانته (بعد التعويض الكبير والرعاية) كان أيسر عقوبة له الطرد من الوظيفة.
وهنا نأتي إلى القانون. فإنه لا بد من تعديل قانون العقوبات تعديلاً يرضي الله ويصلح الأمة ويمنع الإجرام، وذلك هو العَقّار الثاني لتوقيف نوبة المرض وتخفيف آلامها.