هاتي صينية وملعقة وشوكة وكأس ماء نظيفاً وقدميها إليه هكذا. إنك لم تخسري شيئاً، الطعام هو الطعام، ولكن إذا قدمت إليه الصحن والرغيف كسرت نفسه وأشعرته أنه كالسائل (الشحاد)، أما إذا قدمتِه في الصينية مع الكأس والملعقة والشوكة والمملحة يَنجَبِر خاطره ويحس كأنه ضيف عزيز.
ومن أبواب الصدقة ما لا ينتبه له أكثر الناس مع أنه هيّن. من ذلك التساهل مع البياع الذي يدور على الأبواب يبيع الخضر أو الفاكهة أو البصل، فتأتي المرأة تناقشه وتساومه على الفرنك وتظهر «شطارتها» كلها، مع أنها قد تكون من عائلة تملك مئة ألف وهذا المسكين لا تساوي بضاعته التي يدور نهاره ليبيعها، لا تساوي كلها عشر ليرات ولا يربح منها إلا ليرتين! فيا أيها النساء أسألكن بالله، تساهلن مع هؤلاء البيّاعين وأعطوهم ما يطلبون، وإذا خسرت الواحدة منكن ليرة فلتحسبها صدقة؛ إنها أفضل من الصدقة التي تُعطى للشحاد.
ومن أبواب الصدقة أن تفكر معلمة المدرسة حينما تكلف البنات شراء ملابس الرياضة مثلاً، أو تصر على شراء الدفاتر الغالية والكماليات التي لا ضرورة لها من أدوات المدرسة، أن تفكر أن من التلميذات من لا يحصل أبوها أكثر من ثمن الخبز وأجرة البيت، وأن شراء ملابس الرياضة أو الدفاتر العريضة أو «الأطلس» أو علبة الألوان نراه نحن هيناً ولكنه عنده كبير، والمسائل -كما قلت- نسبية، ولو كُلِّفت المعلمة دفع ألف ليرة لنادت بالويل والثبور، مع أن التاجر الكبير يقول: "وما ألف ليرة؟ سهلة"! سهلة عليه وصعبة عليها. كذلك الخمس الليرات أو