ولما كنت في جزيرة جاوة (في أندونيسيا) رأيت أكثر الشباب متزوجين. فسألت عن طريقة الزواج فإذا هي أسهل وأقرب الطرق، فكنت أتذكّر صعوبة الزواج في بلادنا وهذه العراقيل التي أقيمت في طريقه، حتى صار الاتصال المحرَّم أسهل بمئة مرة من الزواج الحلال (أقول هذا وأنا في خجل وأسف) وصار الآباء يتغافلون عن هذا المنكر ويمهّدون له -حيث لا يشعرون- بإهمالهم التربية الدينية والخلقية، ويعارضون الزواج ويلقون أمام طالبه الأشواك.
* * *
والسبب الثالث أن أكثر الأزواج تركوا الشرع ولم يقفوا عند حدوده؛ فلم يعرف الزوج الواجب عليه لزوجته ولم يقم به، ولم تعرف الواجب عليها لزوجها ولم تقم به، فدخل -بذلك- الخلاف إلى أكثر البيوت، وصارت حياة المتزوجين جحيماً لا يطاق، وتتالت الدعاوى في المحاكم وفشا الطلاق. ورأى هذا الشبابُ العزاب وسمعوا أخباره فزادهم ذلك كراهة للزواج وانصرافاً عنه.
والسبب الرابع الفساد الخلقي، والفساد الخلقي الذي هو نتيجة لقلة الزواج صار سبباً من أسباب هذه القلة، وصارت مسألة الدور الذي أبطله المناطقة وجوّزه الشعراء، فقال أحدهم:
مسألةُ الدَّوْر أتَتْ ... بَيني وبين مَنْ أُحِبْ
لولا مشيبي ما جَفا ... لولا جَفاهُ لم أَشِبْ
الشاب الذي لا يتزوج وهو يجد الدافع إلى الزواج يسلك