«بنك» الخالق الذي يعطي في كل مئة ربحاً قدره سبعون ألفاً؟ وهو «مؤمَّن عليه» عند رب العالمين فلا يفلس ولا يحترق ولا يأكل أموال الناس.
فلا تحسبوا أن الذي تعطونه يذهب هدراً، إن الله يخلفه في الدنيا قبل الآخرة. وأنا لا أحب أن أسوق لكم الأمثلة، فإن كل واحد منكم يحفظ مما رأى أو سمع كثيراً منها. إنما أسوق لكم مثلاً واحداً: قصة الشيخ سليم المسوتي رحمه الله. وقد كان شيخ أبي، وكان -على فقره- لا يرد سائلاً قط، ولطالما لبس الجبة أو «الفروة» فلقي بردان يرتجف فنزعها فدفعها إليه وعاد إلى البيت بالإزار، وطالما أخذ السفرة من أمام عياله فأعطاها السائل. وكان يوماً في رمضان وقد وُضعت المائدة انتظاراً للمدفع، فجاء سائل يقسم أنه وعياله بلا طعام، فابتغى الشيخ غفلة من امرأته وفتح له فأعطاه الطعام كله! فلما رأت ذلك امرأتُه وَلْولَتْ عليه وصاحت وأقسمت أنها لا تقعد عنده، وهو ساكت. فلم تمر نصف ساعة حتى قُرع الباب وجاء من يحمل الأطباق فيها ألوان الطعام والحلوى والفاكهة، فسألوا: ما الخبر؟ وإذا الخبر أن سعيد باشا شموين كان قد دعا بعض الكبار فاعتذروا، فغضب وحلف ألاّ يأكل أحد من الطعام وأمر بحمله كله إلى دار الشيخ سليم المسوتي. قال: أرأيت يا امرأة؟
وقصة المرأة التي كان ولدها مسافراً، وكانت قد قعدت يوماً تأكل وليس أمامها إلا لقمة إدام وقطعة خبز، فجاء سائل فمنعت عن فمها وأعطته وباتت جائعة، فلما جاء الولد من سفره جعل يحدّثها بما رأى. قال: ومن أعجب ما مر بي أنه لحقني أسد