من الْبَادِيَة أمس فَإِنَّهُ لَا يصلح لهَذِهِ الدَّجَاجَة غَيره فيأتيك مِنْهُ نسل حسن فَانْقَلَبَ الْمَعْتُوه إِلَى ذَلِك الرجل وَأَتَاهُ وَهُوَ فِي جمَاعَة والدجاجة مَعَه وَقَالَ لَهُ قد أبدل القَاضِي الدَّجَاجَة وَلَكِن أَعْطِنِي أَنْت ديك الْبَادِيَة الَّذِي أَتَاك أمس فَيكون زوجا لهَذِهِ الدَّجَاجَة فانتهره الزيدي وَتغَير لَونه فازداد الْمَعْتُوه علوقا بِهِ وحنقا عَلَيْهِ وَجعل يبكي ويلطم وَجهه وَيحلف أَن لَا يَزُول إِلَّا بالديك وَكَانَ يَأْتِي مِنْهُ عِنْد الْمَنْع مَا لَا صَبر عَلَيْهِ فاضطر الزيدي إِلَى أَن دخل فَاخْرُج لَهُ ديكا من دَاره افتداء مِنْهُ فَأَخذه وَانْطَلق عَنهُ وَقَالَ أَصْحَاب القَاضِي مُحَمَّد بن أبي عِيسَى ركبنَا لبَعض الْأَمر فِي موكب حافل من وُجُوه النَّاس إِذْ عرض لنا فَتى متأدب قد خرج من بعض الْأَزِقَّة سَكرَان يتمايل فَلَمَّا رأى القَاضِي هابه وَأَرَادَ الإنصراف فخانته رِجْلَاهُ فاستند إِلَى الْحَائِط واطرق فَلَمَّا قرب القَاضِي رفع رَأسه ثمَّ أنشأ يَقُول
(أَلا أَيهَا القَاضِي الَّذِي عَم عدله ... فأضحى بِهِ فِي الْعَالمين فريدا)
(قَرَأت كتاب الله تسعين مرّة ... فَلم أر فِيهِ للشراب حدودا)