الْمُنْتَشِر فِي الأَرْض أَثَره واستفرغ وَسعه فِي تنجيدها وإتقان قُصُورهَا وزخرفة مصانعها فانهمك فِي ذَلِك حَتَّى عطل شُهُود الْجُمُعَة بِالْمَسْجِدِ الْجَامِع الَّذِي اتَّخذهُ فَأَرَادَ القَاضِي مُنْذر بن سعيد رَحمَه الله وَجه الله فِي أَن يعظه ويقرعه فِي التأنيب ويغض مِنْهُ بِمَا يتَنَاوَلهُ من الموعظة بفصل الخطابة والتذكير بالإنابة فابتدأ أول خطبَته بقوله تَعَالَى {أتبنون بِكُل ريع آيَة تعبثون وتتخذون مصانع لَعَلَّكُمْ تخلدون وَإِذا بطشتم بطشتم جبارين فَاتَّقُوا الله وأطيعون وَاتَّقوا الَّذِي أمدكم بِمَا تعلمُونَ أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم عَظِيم} وَوصل ذَلِك بِكَلَام جزل وَقَول فصل جاش بِهِ صَدره وَقذف بِهِ على لِسَانه بحره وأفضى فِي ذَلِك إِلَى ذمّ المشيد والاستغراق فِي زخرفته والإسراف فِي الْإِنْفَاق عَلَيْهِ فَجرى فِي ذَلِك طلقا وتلافيه قَوْله تَعَالَى {أَفَمَن أسس بُنْيَانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بُنْيَانه على شفا جرف هار فانهار بِهِ فِي نَار جَهَنَّم وَالله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين لَا يزَال بنيانهم الَّذِي بَنو رِيبَة فِي قُلُوبهم إِلَّا ان تقطع قُلُوبهم وَالله عليم حَكِيم} وأتى بِمَا