المستعمرين الأوائل من إهلاك وتدمير فى عصر التتار والحروب الصليبية- ليس بعيدًا ولا يخفى على أحد، وقد تكلمنا عن هذا الموضوع فى محله بتفصيل، وذلك فى الباب الأول للرسالة (?).

وإن التاريخ الآن يعيد نفسه، ونحن أمام تجربة قاسية لامتحان إرادتنا، وقوة إسلامنا وتماسكنا، بعد أن بدأ الغزو الاستعمارى الصليبى يهددنا من جديد، ممثلًا فى أداة الصهيونية العالمية (إسرائيل) التى تحتل جزءًا ليس بالقليل من أرض الإسلام والسلام، ومقدساته الغالية الطاهرة فى القدس الشريف وفلسطين وغيرها.

والصليبية الغربية دائمًا بالمرصاد، وهى نهّازة للفرص، فإذا وجدت ثغرة تنفذ منها إلى النيل من الإسلام وإصابة مقاتله، فهى تهتبلها لا محالة.

ثالثًا: مقاومة الغزوين الثقافى والتشريعى الأجنبيين. وذلك، بتشجيع الباحثين الذين احتوتهم ثقافة الغزو القانونى الغربى على قطع هذه التبعية، والأخذ من الشريعة الإسلامية، وإعادة الثقة إليهم فى تراثنا الفقهى العظيم -وخاصة أنه قد استقر فى دستور "جمهورية مصر" الجديد على أن: "مبادئ الشريعة الإسلامية ستكون المصدر الرئيسى للتقنين" كما استقر فى دستور دولة اتحاد الجمهوريات العربية على أن الشريعة الإسلامية "مصدر رئيسى للتشريع".

وأمام هؤلاء الآن مجال رحب لإعادة البناء الاجتماعى على أسس إسلامية سليمة، والخلاص إلى الأبد من آثار الثقافة الغربية الهدامة فى أفكارنا وتقاليدنا ومعاملاتنا.

ففى الغزوين الثقافى والاجتماعى اللذين رمتنا بهما الصليبية كان حرصها باديًا على ضرورة إقصاء التشريع الإسلامى وإحلال القوانين الغربية محله.

وقد بدأ ذلك فى مصر من عهد "محمد على باشا" رأس الأسرة المالكة التى قضت عليها الثورة المصرية. وهكذا أصيب التشريع الإسلامى بضربة موجعة منذ زمن بعيد، إلى أن تحركت أمتنا تسترد حريتها، وتستعيد مكانتها، وتعتز بتراثها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015