ولقد حاولت فعلًا أن أستقر على أحد الموضوعات التى عالجها الفقه الإسلامى اتباعًا للمنهج الذى سبقنى إليه من سار فى هذا الميدان.
وفجأة، وحينما كنت أتردد على المكتبات العامة لاستكمال خطة البحث بالتزويد من أمهات الكتب الفقهية - أوقفنى واستلفت نظرى ما وجدته مخطوطًا من تراثنا الإسلامى العظيم، ليس فى مجال الفقه وحده بل فى جميع المجالات المختلفة.
ولقد تبين لى أن ما ظهر لنا فى مجال الفقه من كتب مطبوعة إنما هو قليل من كثير، وأن هناك ثمارًا يانعة حلوة المذاق، هى فى أشد الحاجة إلى من يقطفها ويتغذى هو وغيره عليها.
وعلى الفور قمت بعرض فكرة تسجيل الرسالة فى تحقيق أحد المخطوطات الفقهية على أستاذ التحقيق بالكلية، ورئيس قسم الأصول بها (الأستاذ عبد الغنى محمد عبد الخالق) فلقيت منه العناية والتشجيع، ووجدته صاحب هذه الفكرة، وأستاذ جامعتها، وسجلت فى تحقيق كتاب "مطالع الدقائق فى تحرير الجوامع والفوارق" للإمام جمال الدين عبد الرحيم الأسنوى المتوفى سنة 772 هـ.
ولقد كانت رغبتى فى تحقيق إحدى المخطوطات عامة ترجع إلى العوامل الآتية:
أولًا: الإسهام بقدر الإمكان فى تحقيق التراث الإسلامى والمحافظة عليه وإبرازه فى ثوب جديد يشجع على النظر والبحث، والأخذ منه لجميع التشريعات المحلية والعالمية، ولدفع ما يتعلل به المحجمون عن الأخذ منه.
فقد ذكر فى مؤتمر "لاهاى" -بعد أن تقرر فيه أن الشريعة الإسلامية مصدر من مصادر التشريع- أن من العقبات دون هذا الغرض الكريم، عسر فهم الشريعة من مصادرها الحالية لكثرتها وتشعبها، ونأيها عن الطرق المذللة التى جرت عليها دراسة القانون.
وهذا ما تعلل به بعض الكاتبين (?) المصريين عندما أثيرت "قضية الشريعة الإسلامية فى الدستور الدائم الجديد لجمهورية مصر" باعتبارها المصدر الرئيسى