يستنبطوها بأنفسهم، وعلى حسب أفهامهم، على وجه الاختبار لمعرفتهم والسبر لقرائحهم، وقال ابن حبيب: إنما قال: "لا تخبرنا"؛ لأنه خاف أن يثقل عليهم - إذا أخبرهم - الاحتراس منها، ورجا أن يوفقوا للعمل بها من قبل أنفسهم.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدم لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ" (?) قال الطحاوي (?): هو استثناء من غير الجنس، معناه: لكن الصيام لي؛ إذ ليس بعمل فيستثنى من العمل المذكور (?). وكذلك قال غير واحد: إنه ليس بعمل، وإنما هو ترك من التروك. وهذا غير سديد بل هو عمل بالحقيقة من أعمال القلب وامتساك الجوارح عما نهيت عنه فيه.

وأما قوله: "فَإِنَّهُ لِي" قيل: لكونه من الأعمال الخفية الخالصة، أي: هو خالص لي لا يدخله رياء، أو لا يطلع عليه غالبًا بخلاف غيره من الأعمال، والأظهر في هذا الحديث أنه أشار إلى معرفة الأجور وأن أجور عمل ابن آدم له معلومة مقدرة، كما قال في آخر الحديث: "الْحَسَنَةُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015