وهذا كله في منهج النسخ الخطية محيّر؛ فأي القولين من هذين قول ابن قرقول المصنف، القول المؤول، أم قول أهل السنة والجماعة، فهل كان ابن قرقول مخالفاً لمنهج شيخه منهج الأشاعرة؟ أستبعد هذا؛ لأسباب منها: أن ابن قرقول تلميذ القاضي عياض وهو أشعري كما قدمنا، وعنه أخذ الكتاب وهو محشو بتأويلات الأشاعرة، بالإضافة إلى أنه من المعلوم والمشهور أن كثيرًا من العلماء في تلك القرون والبقاع كانوا على منهج ومذهب الأشاعرة.

فأرجح والله أعلم أن المصنف رحمه الله نقل في هذِه المواضع العقائدية ما تمليه عليه عقيدته الأشعرية، والمتابع فيها منهج شيخه القاضي عياض في الكتاب الأم "مشارق الأنوار"، وأن إسقاط هذِه التأويلات من النسخ الخطية أو الرد عليها إنما هو من صنع النساخ؛ لأنه يسهل عقلاً أن يسقط الناسخ شيئًا ما من نسخة خطية يقوم بنسخها، أو يسقطه ويحل محله بما يراه أصوب وأصح، أو يذكره ويتعقبه برد عليه، لكن يصعب أن يكون ابن قرقول هو الذي كان يذكر الكلام موافقًا لأهل السنة والجماعة، ويأتي الناسخ فيسقط هذا الكلام ويذكر ما يوافق منهج الأشاعرة من تأويل للصفة! خاصة وأنَّا قدَّمنا أن ابن قرقول لم يغير شيئًا كثيرًا في الكتاب، والله تعالى أعلم.

وعلى كلٍ فهذا خطأ كبير، فكيف يروق لناسخ أن يغير في كلام المصنف بما يخالف قصده، أو أن يسقطه أو أن يرد عليه في صلب الكتاب؟!. فالناسخ عليه أن ينقل ما كتبه المصنف صاحب الكتاب، وما كان من تعليق أو اعتراض أو تصويب فليكتبه في الهامش وليحرره، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015