وَيَحْرُمُ التِّرْيَاقُ وَهُوَ دَوَاءٌ يُعَالَجُ بِهِ مِنْ السُّمُوم يُجْعَلُ فِيهِ لُحُومُ الْحَيَّاتِ؛ لِأَنَّ لَحْمَ الْحَيَّةِ حَرَامٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَيَحْرُمُ أَيْضًا التَّدَاوِي بِأَلْبَانِ الْأُتُنِ وَكُلِّ مُحَرَّمٍ.
فَصْلٌ
(وَمَنْ اُضْطُرَّ بِأَنْ خَافَ التَّلَفَ) إنْ لَمْ يَأْكُلْ.
نَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا عَلِمَ أَنَّ النَّفْسَ تَكَادُ تَتْلَفُ، وَفِي " الْمُنْتَخَبِ " أَوْ خَافَ مَرَضًا أَوْ انْقِطَاعًا عَنْ الرُّفْقَةِ؛ أَيْ: بِحَيْثُ يَنْقَطِعُ فَيَهْلَكُ، وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِزَمَنٍ مَخْصُوصٍ؛ لِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فِي ذَلِكَ (أَكَلَ وُجُوبًا مِنْهُ) نَصًّا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] قَالَ مَسْرُوقٌ: مَنْ اُضْطُرَّ فَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ (مِنْ غَيْرِ سُمٍّ وَنَحْوِهِ) مِمَّا يَضُرُّ (مِنْ مُحَرَّمٍ) مِمَّا ذَكَرْنَا (مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ) ؛ أَيْ: بَقِيَّةَ رُوحِهِ أَوْ قُوتَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 173] وَقَوْلِهِ: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 3] (فَقَطْ) ؛ أَيْ: لَا يَزِيدُ عَلَى مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ؛ فَلَيْسَ لَهُ الشِّبَعُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ، وَاسْتَثْنَى مَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ، فَإِذَا انْدَفَعَتْ الضَّرُورَةُ لَمْ تَحِلَّ كَحَالَةِ الِابْتِدَاءِ (إنْ لَمْ يَكُنْ فِي سَفَرٍ مُحَرَّمٍ) كَسَفَرٍ لِقَطْعِ طَرِيقٍ أَوْ زِنًا أَوْ لِوَاطٍ وَنَحْوِهِ (فَإِنْ كَانَ فِيهِ) ؛ أَيْ: السَّفَرِ الْمُحَرَّمِ (وَلَمْ يَتُبْ فَلَا) يَحِلُّ لَهُ أَكْلُ مَيْتَةٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ أَكْلَهَا رُخْصَةٌ وَالْعَاصِي لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا.