النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ كِتَابًا إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدِّيَاتُ، وَقَالَ فِيهِ: وَفِي النَّفْسِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» .

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ كِتَابٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ، وَمَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْرِفَةً يُسْتَغْنَى بِهَا عَنْ الْإِسْنَادِ؛ وَلِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْمُتَوَاتِرَ فِي مَجِيئِهِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ تَأْتِي فِي مَوَاضِعِهَا.

(وَمَنْ أَتْلَفَ إنْسَانًا) مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مُعَاهَدًا بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ بِسَبَبٍ كَشَهَادَةٍ عَلَيْهِ، أَوْ أَكْرَهَ عَلَى قَتْلِهِ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ تَعَدِّيًا؛ فَالدِّيَةُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] (أَوْ أَتْلَفَ جُزْءًا مِنْهُ بِمُبَاشَرَةٍ وَسَبَبٍ، فَدِيَةُ عَمْدٍ فِي مَالِهِ) أَيْ: الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الْعَمْدَ، وَلِأَنَّ مُوجِبَ الْجِنَايَةِ أَثَرُ فِعْلِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يُقْتَصَّ بِضَرَرِهَا، وَتَكُونُ حَالَّةً، وَإِنَّمَا خُولِفَ هَذَا فِي الْخَطَأِ لِكَثْرَتِهِ، فَيَكْثُرُ الْوَاجِبُ فِيهِ، وَيَعْجِزُ الْخَاطِئُ غَالِبًا عَنْ تَحَمُّلِهِ مَعَ قِيَامِ عُذْرِهِ، وَوُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ وَرِفْقًا بِهِ، وَالْعَامِدُ لَا عُذْرَ لَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ التَّخْفِيفَ، وَلَا يُوجَدُ فِيهِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلْمُوَاسَاةِ.

(وَ) دِيَةُ (غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ الْعَمْدِ وَهُوَ الْخَطَأُ وَشِبْهُ الْعَمْدِ (عَلَى عَاقِلَتِهِ) ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلَا خِلَافَ فِيهِ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، إجْمَاعَ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

(وَلَا تُطْلَبُ دِيَةُ طَرَفٍ) قَبْلَ بُرْئِهِ.

(وَيَتَّجِهُ وَ) كَذَا لَا تُطْلَبُ دِيَةُ (جُرْحٍ قَبْلَ بُرْئِهِ) كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (فَمَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015