كَرِهَتْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَهَبُ إلَّا مَخَافَةَ غَضَبِهِ أَوْ إضْرَارٍ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَأَلَهَا وَتَبَرَّعَتْ بِهِ؛ فَهُوَ جَائِزٌ انْتَهَى. لِأَنَّ شَاهِدَ الْحَالِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَطِبْ بِهَا نَفْسًا وَإِنَّمَا أَبَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ طِيبِ نَفْسِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] وَغَيْرُ الصَّدَاقِ كَالصَّدَاقِ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهَا (لَا) تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ (مُطْلَقًا بَلْ) تَرْجِعُ عَلَيْهِ (بِشُرُوطٍ) كَمَا لَوْ وَهَبَتْهُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ، فَلَمْ يَنْدَفِعْ، أَوْ لِوُجُودِ شَرْطٍ فَلَمْ يُوجَدْ، وَهَذَا قَوْلٌ مَرْجُوحٌ فِي الْمَذْهَبِ (وَ) إلَّا (الْأَبُ) الْأَقْرَبُ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً وَيَرْجِعَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ بِرُجُوعِهِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ أَوْلَادِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ.
وَلَوْ وَهَبَ كَافِرٌ لِوَالِدِهِ الْكَافِرِ شَيْئًا، ثُمَّ أَسْلَمَ الْوَلَدُ؛ فَلِأَبِيهِ الرُّجُوعُ فِي هِبَتِهِ، خِلَافًا لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ، وَفَرَّقَ أَحْمَدُ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ.
قَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: لَيْسَ هِيَ عِنْدِي كَالرَّجُلِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ، بِخِلَافِ الْأُمِّ وَبِوِلَايَتِهِ وَحِيَازَتِهِ جَمِيعِ الْمَالِ وَهَذَا فِي الْأَبِ (الْوَاحِدِ خَاصَّةً)