ذَكَرْنَاهُ مِنْ النُّقُولِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ خِلَافًا لَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ.
(وَلَا) تَصِحُّ الْهِبَةُ (لِحَمْلٍ) لِأَنَّ تَمْلِيكَهُ تَعْلِيقٌ عَلَى خُرُوجِهِ حَيًّا، وَالْهِبَةُ لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ
(وَمَنْ) (أَبْرَأَ) مَدِينَهُ (مِنْ دَيْنِهِ) صَحَّ (أَوْ وَهَبَهُ لِمَدِينِهِ) صَحَّ (أَوْ أَحَلَّهُ مِنْهُ) صَحَّ (أَوْ أَسْقَطَهُ عَنْهُ) صَحَّ لِأَنَّهُ أَتَى بِحَقِيقَةِ اللَّفْظِ الْمَوْضُوعِ لَهُ (أَوْ تَرَكَهُ) لَهُ صَحَّ (أَوْ مَلَّكَهُ لَهُ) صَحَّ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ هِبَتِهِ إيَّاهُ (أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ) صَحَّ لِوُرُودِ الْإِبْرَاءِ فِي الْقُرْآنِ بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا} [النساء: 92] .
(وَيَتَّجِهُ) صِحَّةُ التَّصَدُّقِ عَلَيْهِ بِمَا فِي ذِمَّتِهِ إنْ كَانَ (صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ) إذْ لَا يَصِحُّ جَعْلُ مَا فِي الذِّمَّةِ عَنْ صَدَقَةٍ وَاجِبَةٍ، وَهَذَا الِاتِّجَاهُ فِي غَايَةِ الْجَوْدَةِ.
(أَوْ عَفَا عَنْهُ صَحَّ) ذَلِكَ جَمِيعُهُ، وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] يَعْنِي بِهِ الْإِبْرَاءَ مِنْ الصَّدَاقِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعْطَيْتُكَهُ وَنَحْوَهُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ إبْرَاءً وَإِسْقَاطًا، وَلَفْظُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَطِيَّةِ يَنْصَرِفُ إلَى مَعْنَى الْإِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَيْنَ مَوْجُودَةٌ يَتَنَاوَلُهَا اللَّفْظُ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَلِهَذَا لَوْ وَهَبَهُ دَيْنَهُ هِبَةً حَقِيقِيَّةً لَمْ يَصِحَّ؛ لِانْتِفَاءِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ، وَانْتِفَاءِ شَرْطِ الْهِبَةِ، وَمِنْ هُنَا امْتَنَعَ هِبَتُهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَامْتَنَعَ إجْزَاؤُهُ عَنْ الزَّكَاةِ؛ لِانْتِفَاءِ حَقِيقَةِ الْمِلْكِ انْتَهَى.
وَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْ الدَّيْنِ بِالْأَلْفَاظِ السَّابِقَةِ (وَلَوْ) كَانَ ذَلِكَ (قَبْلَ حُلُولِهِ) أَيْ: الدَّيْنِ (أَوْ رَدَّ)