وَمَدْرَسَةٍ، (وَيَأْذَنُ) لِلنَّاسِ (إذْنًا عَامًّا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ) .
وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَهُ لِقَيِّمِ الْمَسْجِدِ، وَأَمَرَهُ بِافْتِرَاشِهِ فِيهِ، أَوْ خَاطَهُ بِمَفْرُوشٍ بِجَانِبِهِ؛ فَيَصِحُّ ذَلِكَ، وَيَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ فِعْلِهِ ذَلِكَ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) يَحْصُلُ الْوَقْفُ (بِقَوْلٍ) رِوَايَةً وَاحِدَةً.
(وَصَرِيحُهُ وَقَفْتُ، وَحَبَسْتُ، وَسَبَّلْتُ) فَمَنْ أَتَى بِكَلِمَةٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ؛ صَحَّ الْوَقْفُ، لِعَدَمِ احْتِمَالِ غَيْرِهِ بِعُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ الْمُنْضَمِّ إلَيْهِ عُرْفُ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَسَبَّلَتْ ثَمَرَتَهَا» . فَصَارَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ فِي الْوَقْفِ كَلَفْظِ التَّطْلِيقِ فِي الطَّلَاقِ.
وَإِضَافَةُ التَّحْبِيسِ إلَى الْأَصْلِ، وَالتَّسْبِيلِ إلَى الثَّمَرَةِ، لَا يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ فِي الْمَعْنَى، فَإِنَّ الثَّمَرَةَ مُحْبَسَةٌ أَيْضًا عَلَى مَا شَرَطَ صَرْفَهَا إلَيْهِ.
فَلَوْ قَالَ مَالِكٌ: أَحْبَسْتُ ثَمَرَةَ نَخْلٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ؛ كَانَ ذَلِكَ وَقْفًا لَازِمًا، بِاتِّفَاقِ مَنْ يَرَى أَنَّ التَّحْبِيسَ صَرِيحٌ فِي الْوَقْفِ.
وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَقَدْ سَبَقَ لَهَا حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِي غَيْرِ الْوَقْفِ، هِيَ أَعَمُّ مِنْ الْوَقْفِ، فَلَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ لَهَا إلَّا بِقَيْدٍ يُخْرِجُهَا عَنْ الْمَعْنَى الْأَعَمِّ. وَلِهَذَا كَانَتْ كَكِنَايَةٍ فِيهِ.
وَفِي جَمْعِ الشَّارِعِ بَيْنَ لَفْظَيْ التَّحْبِيسِ وَالتَّسْبِيلِ، تَبْيِينٌ لِحَالَةِ الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ، فَإِنَّ حَقِيقَةَ الْوَقْفِ ابْتِدَاءُ تَحْبِيسِهِ، وَدَوَامُ تَسْبِيلِ مَنْفَعَتِهِ؛ وَلِهَذَا حَدَّ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ الْوَقْفَ بِأَنَّهُ، تَحْبِيسُ الْأَصْلِ وَتَسْبِيلُ الثَّمَرَةِ وَالْمَنْفَعَةِ.
(وَكِنَايَتُهُ) - أَيْ: الْوَقْفِ - (تَصَدَّقْتُ، وَحَرَّمْتُ، وَأَبَّدْتُ) ؛ لِعَدَمِ خُلُوصِ كُلِّ لَفْظٍ مِنْهَا عَنْ الِاشْتِرَاكِ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ تُسْتَعْمَلُ فِي الزَّكَاةِ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَالتَّحْرِيمَ صَرِيحٌ فِي الظِّهَارِ، وَالتَّأْبِيدَ يُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ مَا يُرَادُ