[كِتَابُ الْوَقْفِ]

الْوَقْفُ: مَصْدَرُ وَقَفَ بِمَعْنَى حَبَسَ وَأَحْبَسَ وَسَبَّلَ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَأَوْقَفَهُ لُغَةٌ لِبَنِي تَمِيمٍ. وَهُوَ مِمَّا اخْتَصَّ بِهِ الْمُسْلِمُونَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمْ يَحْبِسْ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِنَّمَا حَبَسَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: «أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَصَبْتُ مَالًا بِخَيْبَرَ، لَمْ أُصِبْ قَطُّ مَالًا أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُنِي فِيهِ؟ قَالَ: إنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلَا يُوهَبُ، وَلَا يُورَثُ، قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ فِي الْفُقَرَاءِ، وَذَوِي الْقُرْبَى، وَالرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضِّيَافِ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا، غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ» وَفِي لَفْظٍ: " غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ، فِي صَدَقَةِ عُمَرَ: «لَيْسَ عَلَى الْوَالِي جُنَاحٌ أَنْ يَأْكُلَ، وَيُؤْكِلَ صَدِيقًا لَهُ، غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ» . وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ هُوَ يَلِي صَدَقَةَ عُمَرَ، وَيُهْدِي لِلنَّاسِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ الْمَجْدُ: فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنْ وَقَفَ شَيْئًا عَلَى صِنْفٍ مِنْ النَّاسِ، وَوَلَدُهُ مِنْهُمْ؛ دَخَلَ فِيهِ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ، صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَقَالَ جَابِرٌ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي تَحْبِيسِ الْقَنَاطِرِ وَالْمَسَاجِدِ، وَاخْتَلَفُوا فِي غَيْرِ ذَلِكَ. وَالْوَقْفُ (تَحْبِيسُ مَالِكٍ) بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ، (مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ) ، وَهُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015