(وَلَوْ أَرْكَبَ) إنْسَانٌ (دَابَّتَهُ) شَخْصًا (مُنْقَطِعًا لِلَّهِ) تَعَالَى؛ (فَتَلِفَتْ) الدَّابَّةُ (تَحْتَهُ) - أَيْ: الْمُنْقَطِعِ - (وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِحِفْظِهَا؛ لَمْ يَضْمَنْ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.

جَزَمَ بِهِ فِي " التَّلْخِيصِ " وَ " الْحَاوِي الصَّغِيرِ " وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى " وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الطَّالِبُ لِرُكُوبِهِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ (كَرَدِيفِ رَبِّهَا) ؛ أَيْ: الدَّابَّةِ؛ بِأَنْ أَرْكَبَ مَعَهُ آخَرَ عَلَى الدَّابَّةِ، فَتَلِفَتْ تَحْتِهِمَا؛ لَمْ يَضْمَنْ الرَّدِيفُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ بِيَدِ مَالِكِهَا، (وَكَرَائِضٍ) وَهُوَ الَّذِي يَرْكَبُ الدَّابَّةَ لِيُعَلِّمَهَا السَّيْرَ إذَا تَلِفَتْ تَحْتَهُ؛ لَمْ يَضْمَنْهَا؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، (وَكَوَكِيلٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَعِيرٍ، (وَكَتَغْطِيَةِ ضَيْفِهِ بِلِحَافٍ فَاحْتَرَقَ عَلَيْهِ) ؛ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِعَدَمِ عُدْوَانِهِ.

(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ (لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمُنْقَطِعِ) كَمَا لَوْ أَرْكَبَهَا لِشَخْصٍ تَوَدُّدًا؛ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِحِفْظِهَا، فَتَلِفَتْ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ؛ فَلَا ضَمَانَ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْقَطِعِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلطَّلَبِ، وَإِنَّمَا أَرْكَبَهُ الْمَالِكُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.

(وَمَنْ قَالَ) لِرَبِّ الدَّابَّةِ: (لَا أَرْكَبُ إلَّا بِأُجْرَةٍ، فَقَالَ) لَهُ رَبُّهَا (مَا آخُذُ أُجْرَةً) - وَلَا عَقْدَ بَيْنَهُمَا - وَأَخَذَهَا؛ فَهِيَ عَارِيَّةٌ تَثْبُتُ لَهَا أَحْكَامُ الْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّ رَبَّهَا لَمْ يَبْذُلْهَا إلَّا كَذَلِكَ، (أَوْ اسْتَعْمَلَ مُودَعٌ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ رَبِّهَا فَهِيَ عَارِيَّةٌ) ، فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْ ذَلِكَ.

(وَلَا يَضْمَنُ) مُسْتَعِيرٌ (وَلَدَ عَارِيَّةٍ سُلِّمَ مَعَهَا) بِتَلَفِهِ عِنْدَهُ (بِلَا تَفْرِيطٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْإِعَارَةِ، وَلَا فَائِدَةَ لِلْمُسْتَعِيرِ فِيهِ؛ أَشْبَهَ الْوَدِيعَةَ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَمْلَ وَقْتَ عَقْدٍ مَبِيعٍ؛ فَعَلَيْهِ هُنَا يَكُونُ مُعَارًا، قُلْتُ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْعَقْدَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْعَيْنِ؛ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ فَإِنَّهُ عَلَى الْمَنَافِعِ؛ وَلَا مَنْفَعَةَ لِلْحَمْلِ يُرَدُّ عَلَيْهَا الْعَقْدُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015