وَهُوَ جَالس فِي الدِّيوَان فِي مَلأ من النَّاس وَقَالَ
يَا مَوْلَانَا أَنا رجل قد رغبت فِي دين الْإِسْلَام لأجل خدمَة أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأَنا أشهد أَلا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَن كل دين غير الْإِسْلَام بَاطِل فَأَشَارَ إِلَيْهِ ابْن البُخَارِيّ بِالْجُلُوسِ فَجَلَسَ ثمَّ كتب إِلَى الْخَلِيفَة بِصُورَة الْحَال فَوَقع الْخَلِيفَة إِلَيْهِ
إِنَّمَا منعنَا من اسْتِخْدَام الْكفَّار لأجل كفرهم فَمن أسلم يُعَاد إِلَى خدمته وَهَذَا يخلع عَلَيْهِ ويستخدم فِي ديوَان الْعرض عوضا عَن أَبِيه وَيُقَال لكل من صرفنَا من خدمتنا إِن أحب الدُّخُول فِي الْإِسْلَام فيعاد إِلَى خدمته ويشرف وَمن لم يفعل لَا يُمكن من خدمَة تتَعَلَّق بِنَا وَالسَّلَام وانحسمت الْمَادَّة فِي ذَلِك وَكَانَت هَذِه مَعْدُودَة من مَكَارِم أَخْلَاق أَمِير الْمُؤمنِينَ النَّاصِر لدين الله لِأَنَّهُ لم يسْبق إِلَيْهَا وَلم يعتمدها سواهُ
وفيهَا تقدم الْأَمر بِالْقَبْضِ على كَمَال الدّين أبي مفضل بن الْوَزير الْفرج بن رَئِيس الرؤساء وَحمل إِلَى دَار الخفاش فِي التَّاج الْعَتِيق وَطلبت مِنْهُ أَمْوَال جمة فَلم يعْتَرف بِشَيْء وَأخذ مَا كَانَ فِي دَاره من المَال فَكَانَ مِقْدَاره عشْرين ألف دِينَار وَأخذت من دَاره خزانَة من الْكتب النفيسة فبيعت بمبالغ وَتَوَلَّى بيعهَا أَبُو السعادات الْوَكِيل ابْن النَّاقِد وتكررت الْمُطَالبَة لِابْنِ رَئِيس الرؤساء بِالْمَالِ وَهُوَ يدافع عَن ذَلِك وَكَانَ أستاذ الدَّار ابْن الصاحب يزري عَلَيْهِ ويعادي بَيته قَدِيما وحديثا وَكَانَ يخَاف مِنْهُ لِأَنَّهُ كَانَ رجلا جبارا عَارِفًا بأحوال الْملك وتدبيره وَكَانَ قد نَشأ فِي دَار الْخلَافَة حَاكما وَكَانَ أَبوهُ الْوَزير مَعَ شيخوخته يتدبر بِرَأْيهِ مَعَ صغر سنه فَتقدم أستاذ الدَّار إِلَى عبد الْملك النَّائِب وَكَانَ قد عرف بالظلم والقساوة لِأَنَّهُ مُنْذُ نَشأ فِي