وَولده هُوَ الْمَوْجُود شرف الدّين وَهُوَ صَاحب المخزن يَوْمئِذٍ وَمَا كَانَ يقدر أحد من أَرْبَاب الدولة وَلَا غَيرهم يَقُول لَهُ هَذَا القَوْل من شدَّة تكبره على أهل بَغْدَاد وَكَانَ يَقُول فِي فَخر الدولة أَضْعَاف هَذَا وَلَا يثقل عَلَيْهِ
وَكَانَ فَخر الدولة مَقْبُول القَوْل ذَا حُرْمَة عَظِيمَة وَكَانَ الْخَلِيفَة أدام الله ظله يقعده بَين يَدَيْهِ ويحدثه وَلَا يجلس عِنْده أحد وَكَانَ يكْتب على رَأس رقعته إِلَيْهِ الْخَادِم الدَّاعِي وَيكْتب على رَأس رقْعَة أستاذ الدَّار وَالِده وَكَانَ لَا يمْضِي إِلَى أحد جملَة إِلَّا إِلَى الْخَلِيفَة فَحسب وَمَا كَانَ يتَخَلَّف عَن خدمته أحد من أَرْبَاب الدولة وَكَذَلِكَ جَمِيع أَرْبَاب الْعلم وَالْأَدب والتصوف وَسَائِر طَبَقَات النَّاس
وفيهَا تقدم الْخَلِيفَة بإحضار شيخ الشُّيُوخ بَين يَدَيْهِ إِلَى التَّاج الشريف فَلَمَّا حضر قَالَ لَهُ اقعد فخدم وَلم يفعل فَقَالَ لَهُ أَمِير الْمُؤمنِينَ يَا شيخ لَو قلت لَك وَأَنت قَاعد قُم كَانَ يجوز لَك أَن لَا تفعل فخدم وَجلسَ بَين يَدَيْهِ فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَن يمْضِي رَسُولا إِلَى صَلَاح الدّين وَكَانَت هَذِه الْحَال من جَانب أستاذ الدَّار ليتشفع إِلَيْهِ فِي حق صَاحب الْموصل والكف عَنْهُم لِأَن أستاذ الدَّار كَانَ كَبِير الْميل إِلَى صَاحب الْموصل فَقَالَ شيخ الشُّيُوخ السّمع الطَّاعَة
فَلَمَّا انْفَصل من عِنْده خدم وَخرج فنفذ إِلَيْهِ كل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من خيم وخيل وبرك وبغال وفراشين وغلمان ومحفة وَأطلق لَهُ ذَهَبا كثيرا للنَّفَقَة فَكتب يستعفى من ذَلِك فَتقدم إِلَيْهِ بالتوجه وَتقدم أَيْضا إِلَى بشير الْخَادِم أَن يمْضِي فِي خدمته فَتوجه وَمَعَهُ جمَاعَة من أَصْحَابه الصُّوفِيَّة وَولده عز الدّين وَكَانَ حَاجِبه زين الدّين الْقزْوِينِي واستخلف بالرباط وَلَده الأسن نَاصِر الدّين وَكَانَ أحسن النَّاس صُورَة وَمضى على ذَلِك مُدَّة يسيرَة ثمَّ رَجَعَ فَأمر الْخَلِيفَة بِإِخْرَاج الموكب إِلَى خدمته