وعمومُ البشر على اختلاف لغاتهم يعدون ظاهر الكلام هو العمدة في المعنى.
وأما أسلوب التعمية والإلغاز فلا وجود له إلا في الفكر الباطني.
ولو اتُّخِذ هذا الأسلوبُ قاعدةً لما أمكن التفاهم بحال، ولما حصل الثقة بمقال؛ لأن المعاني الباطنية لا ضابط لها ولا نظام.
هذا في الكلام عموماً؛ فكيف بكلام الله المنزل، الذي وصفه الله _ عز وجل _ بأنه "بيان للناس".
وفي الناس عالمون، وجاهلون، ومنهم أميون، وكاتبون قارئون.
ولكن الله جعله بياناً لهم جميعاً، مُيَسَّراً للذكر؛ ليعبد الناس ربهم على بصيرة.
والمتأمل لمقالة التأويل الباطني يدرك خطورتها في تفسير القرآن، وأنها تقتضي بطلان الثقة بالألفاظ، وتسقط الانتفاع بكلام الله ورسوله، ويصير ما يسبق إلى الفهم لا يوثق به.
وبهذا الطريق يحاول الباطنية التوصل إلى هدم الشريعة بتأويل ظواهرها، وتنزيلها على رأيهم دون ضابط، أو رادع.
ولو كانت تلك التأويلات الباطنية هي معاني القرآن ودلالاته لما تحقق الإعجاز، ولكان من قبيل الإلغاز1.