ثالث عشر: خاتمة الحديث عن المجاز: وبعد أن وقفت على شيء من أمر المجاز، وما جاء في الخلاف حول إثباته أو نفيه _ يتبين لك أن أعظم الأسباب التي دعت إلى نفيه وإنكاره أن أهل التعطيل اتخذوه مطية لتحريف بعض نصوص الشرع لاسيما في باب الصفات.

فهذا هو الذي دعا بعض العلماء أن يشدد في النكير على القائلين بالمجاز.

وإلا لو كان الأمر مجرد اصطلاح لغوي لا يترتب عليه خوض في مسائل الشريعة لهان الخطب، ولما حصل فيه كبير خلاف.

ولكن لما أدرك بعض العلماء خطورة ذلك وكثرة المبتدعين به سارعوا إلى إنكاره؛ سداً للذريعة، وعلى رأس هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مواطن كثيرة من كتبه، وإن كان قد قال بالمجاز في إحدى مراحل عمره.

يقول الشيخ د. عبد المحسن العسكر _ حفظه الله _ في مقدمة مخطوطة له عن المجاز: "وأحسب أن شيخ الإسلام ابن تيمية قد قال بالمجاز في إحدى مراحل عمره، فقد رأيت في محاسن التأويل لجمال الدين القاسمي ت 1332هـ ما هذا نصه:

"قال ابن تيمية في بعض فتاواه: نحن نقول بالمجاز الذي قام دليله، وبالتأويل الجاري على نهج السبيل، ولم يوجد في شيء من كلامنا وكلام أحد منا أنا لا نقول بالمجاز والتأويل، والله عند لسان كل قائل، ولكن ننكر من ذلك ما خالف الحق والصواب، وما فتح به الباب إلى هدم السنة والكتاب، واللحاق بمُحرِّفة أهل الكتاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015