إذا العُذرِيّ ماتَ بحَتْفِ أنْفٍ، ... فَذاكَ العَبدُ يَبكِيهِ الرِّشاءُ.
فقلت: يا أبا مسهر! إنها ساعة عظيمة، وإنك في جمعٍ من أقطار الأرض، ولو دعوت كنت قميناً أن تظفر بحاجتك، وأن تنصر على عدوك. قال: فجعل يدعو حتى إذا تدلت الشمس للغروب وهم الناس بأن يفيضوا سمعته يهمهم، فأضحت له مستمعاً، فإذا هو يقول:
يا رَبَّ كلِّ غدوَةٍ وَرَوْحه، ... من مُحرِمٍ يشكو الضّحى ولُوحه.
أنتَ حسيبُ الخَطبِ يوْمَ الدَّوحه.
فقلت له: وما يوم الدوحة؟ قال: سأخبرك إن شاء الله! إني امرؤ ذو مالٍ كثيرٍ من نعم وشاءن وإني خشيت على مالي التلف، فأتيت أخوالي من كلبٍ، فأوسعوا لي عن صدر المجلس وسقوني بجمة البئر، فكانوا خير أخوال حتى هممت بمواقعة إبل لي بماء يقال له الخرزات، فركبت وتعلقت معي شراباً كان أهداه إلي بعض الكلبيين، وانطلقت، حتى إذا كنت بين الحي ومرعى النعم، ورفعت لي دوحة عظيمة، فقلت: لو نزلت تحت هذه الشجرة، وتروحت مبرداً؟ فنزلت فشددت فرسي بغصنٍ من أغصانها ثم جلست تحتها، فإذا بغبار قد سطع، فتبينت فبدت لي شخوص ثلاثة، فإذا رجل يطرد مسحلاً وأتانا، فلما قرب