أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد قال: حدثنا محمد بن العباس بن حيويه قال: حدثنا أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان قال: حدثني يزيد بن محمد قال: أخبرني محمد بن سلام الجمحي قال: أرادت عزة أن يعرف ما لها عند كثير فتنكرت له، وقامت به متعرضة، فقام فاتبعها، فكلمها، فقالت له: فأين حبك عزة؟ فقال: أنا الفداء لك، لو أن عزة أمة لي لوهبتها لك. قالت: ويحك! لا تفعل، فقد بلغني أنها لك في صدق المودة، ومحض المحبة والهوى على حسب الذي كنت تبدي لها من ذلك وأكثر، وبعد، فاين قولك:
إذا وَصَلَتنا خِلّةٌ كي نُزيلَها ... أبَينا، وقلنا: الحاجِبِيّةُ أوّلُ.
فقال كثير: بأبي أنت وأمي! أقصري عن ذكرها، واسمعي ما أقول، ثم قال:
ما وَصْلُ عَزّةَ إلاّ وَصْلُ غانيَةٍ ... في وَصْلِ غانيَةٍ من وصلها خَلَفُ.
ثم قال: هل لك في المخالة؟ فقالت له: كيف بما قلت في عزة وسيرته لها؟ فقال: أقبله فيتحول إليك، ويصير لك. قال: فسفرت عن وجهها، عند ذلك، وقالت: أغدراً وانتكاثاً يا فاسق؟ وإنك لها هنا، يا عدو الله! فبهت وأبلس ولم ينطق، وتحير وخجل، ثم إنها عرفته أمرها ونكثه وغدره بها، وأعلمته سوء فعاله، وقلة حفاظه، ونقضه للعهد والميثاق، ثم قالت: قاتل الله جميلاً حيث يقول:
لحَى اللهُ مَن لا يَنفَعُ الوِدُّ عِندَهُ، ... ومَن حَبلُهُ إنْ مُدّ غيرُ متينِ.