وَلا أحَدٌ أقضِي إلَيهِ وَصيّتي، ... وَلا وَارِثٌ إلاّ المَطيّةُ وَالرّحلُ
محَا حُبُّها حبَّ الأولى كنّ قَبلهَا، ... وَحلّتْ مكاناً لم يكن حُلّ من قبلُ
وأخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي أيضاً بقراءتي عليه، حدثنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، حدثنا محمد بن خلف قال: قال أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي إن قيس بن الملوح، وهو مجنون، لما نسب بليلى، وشهر بحبها، اجتمع إليه أهلها، فمنعوه من محادثتها وزيارتها، وتهددوه بالقتل، وكان يأتي امرأة من بني هلال ناكحاً في بني الحريش، وكان زوجها قد مات، وخلف عليها صبية صغاراً، فكان المجنون إذا أراد زيارة ليلى جاء إلى هذه المرأة فأقام عندها وبعث بها إلى ليلى، فعرفت له خبرها وعرفتها خبره، فعلم أهل ليلى بذلك فنهوها أن يدخل قيس إليها، فجاء قيس كعادته، فأخبرته المرأة الخبر وقالت: يا قيس! أنا امرأة غريبة من القوم ومعي صبية، وقد نهوني أن أؤويك، وأنا خائفة أن ألقى منهم مكروهاً، فأحب أن لا تجيء إلي هاهنا، فأنشأ يقول:
أجارَتَنا إنّا غَرِيبَانِ هَا هُنَا، ... وَكُلّ غَرِيبٍ للغريبِ نَسيبُ
فَلا تَزْجرِيني عنكِ خِيفةَ جاهِلٍ ... إذا قالَ شرّاً أوْ أُخيفَ لَبيبُ
قال: وترك الجلوس إلى الهلالية، وكان يترقب غفلات الحي في الليل، فلما كثر ذلك منه خرج أبو ليلى، ومعه نفر من قومه، إلى مروان بن الحكم، فشكوا إليه ما نالهم من قيس، وما قد شهرهم به، وسألوه الكتاب إلى عامله عليهم بمنعه من كلام ليلى، وبخطبه إليهم، فكتب لهم مروان كتاباً إلى عامله