أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري، حدثنا القاضي المعافى بن زكريا، حدثنا أحمد بن جعفر البرمكي جحظة، حدثني خالد الكاتب قال: قال لي علي بن الجهم: هب لي بيتك، وهو:
لَيتَ مَا أصْبَحَ مِنْ ... رِقّةِ خدّيكَ بقَلبكَ
قال: فقلت له: أرأيت أحداً يهب ولده؟
أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن، حدثني أبي، حدثنا عبيد الله بن محمد الهروي، حدثني أبي، حدثني صديق لي ثقة: أنه كان ببغداد رجل من أولاد النعم، ورث مالاً جليلاً، وكان يعشق قينة، فأنفق عليها مالاً كثيراً ثم اشتراها، وكانت تحبه كما يحبها، فلم يزل ينفق ماله عليها إلى أن أفلس، فقالت له الجارية: يا هذا قد بقينا كما ترى، فلو طلبت معاشاً؟ قال: وكان الفتى لشدة حبه الجارية وإحضاره الأستاذات ليزيدوها في صنعتها قد تعلم الضرب والغناء فخرج صالح الضرب والحذق فيهما، فشاور بعض معارفه فقال: ما أعرف لك معاشاً أصلح من أن تغني للناس، وتحمل جاريتك إليهم، فتأخذ على هذا الكثير، ويطيب عيشك، فأنف من ذلك، وعاد إليها فأخبرها بما أشير به عليه، وأعلمها أن الموت أسهل عنده من هذا. فصبرت معه على الشدة مدة، ثم قالت له: قد رأيت لك رأياً. قال: قولي! قالت: تبيعني، فإنه يحصل لك من ثمني ما إن أردت أن تتجر به،