أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، حدثنا أبي، حدثنا أبو بكر محمد بن بكر البسطامي، حدثنا ابن دريد، حدثنا أحمد بن عيسى العكلي عن ابن أبي خالد عن الهيثم بن عدي قال: كان لعمرو بن دويرة السحمي أخ قد كلف بابنة عم له كلفاً شديداً، وكان أبوها يكره ذلك ويأباه، فشكا إلى خالد بن عبد الله القسري، وهو أمير العراق، أنه يسيء جواره، فحبسه، فسئل خالد في أمر الفتى، فأطلقه، فلبث الفتى مدةً كافاً عن ابنة عمه، ثم زاد ما في قلبه وغلب عليه الحب، فحمل نفسه على أن تسور الجدار إليها، وحصل معها الفتى، فأحس به أبوها، فقبض عليه، وأتى به خالد بن عبد الله القسري وادعى عليه السرق، وأتاه بجماعة يشهدون أنهم وجدوه في منزله ليلاً، وقد دخل دخول السراق، فسأل خالد الفتى، فاعترف بأنه دخل ليسرق، ليدفع بذلك الفضيحة عن ابنة عمه، مه أنه لم يسرق شيئاً، فأراد خالد أن يقطعه، فرفع عمرو أخوه إلى خالد رقعةً فيها:
أخالِدُ! قد وَاللهِ أُوطِئتَ عَشوَةً، ... وَمَا العَاشِقُ المَظلُومُ فِينا بسارِقِ
أقَرّ بِمَا لمْ يَأتِهِ المَرْءُ، إنّهُ ... رَأى القَطعَ خيراً من فَضيحَةِ عاتِقِ
وَلَوْلا الّذِي قد خفتُ من قَطعِ كفّهِ ... لأُلفِيتُ في أمرٍ لَهُم غيرَ نَاطِقِ
إذا مُدّتِ الغَايَاتُ في السَّبقِ للعُلى، ... فأنتَ ابنَ عَبدِ اللهِ أوّلُ سَابِقِ
وأرسل خالد مولىً له يسأل عن الخبر، ويتجسس عن جلية الأمر، فأتاه بتصحيح ما قال عمرو في شعره، فأحضر الجارية وأخذ بتزويجها من الفتى، فامتنع أبوها وقال: ليس هو بكفؤٍ لها. قال: بلى! والله إنه لكفؤٌ لها إذ بذل