خلقان ممزقات فقال لي: أين رأيت القافلة؟ قلت: في موضع كذا.
قال: آه من البين! آه من البين! آه من دواعي الحين! فقلت: وما دهاك؟ فقال:
شيّعتُهم من حيثُ لم يَعلَموا، ... وَرُحتُ، والقلبُ بهِم مُغرَمُ.
سألتُهُم تَسْلِيمَةً مِنْهُم ... عليّ، إذ بانوا، فَما سَلّمُوا.
سارُوا، ولم يرثُوا لمُستَهتَرٍ، ... ولم يُبالوا قَلبَ مَن تَيّموا.
واستحسنوا ظلمي، فمِن أجلِهم ... أحبَّ قلبي كلَّ من يَظلِمُ.
أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قراءة عليه قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه قال: أخبرنا محمد بن خلف قال: أخبرني أبو بكر العامري عن مصعب بن عبد الله الزبيري قال: تزوج مالك بن عمرو الغساني بابنة عم النعمان بن بشير فشغف كل واحد منهما بصاحبه، وكان مالك شجاعاً، فاشترطت عليه أن لا يقاتل إذا لقي، شفقةً عليه وضناً به، وإنه غزا حياً من لخم، فباشر القتال، فأصابته جراح فقال، وهو مثقل منها:
ألا ليتَ شِعري عن غزالٍ تركتُه، ... إذا ما أتاهُ مصرعي كيفَ يَصْنَعُ؟.
فَلَوْ أنّني كنتُ المُؤخَّرَ بَعدَهُ، ... لَما بَرِحَتْ نفسي عَلَيه تَطَلّعُ.
وإنه مكث يوماً وليلةً ثم مات من جراحه، فلما وصل خبره إلى زوجته بكته سنةً، ثم اعتقل لسانها فامتنعت من الكلام، وكثر