أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري، أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن سعيد، حدثنا الحسين بن القاسم، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، حدثني ابن بكار قال: وحكى العذري، أخبرنا الحسن بن جعفر بن سليمان الضبعي قال: كنت لا أكاد أمر في طريق ولا في حاجة إلا ومعي ألواح، فحججت فرأيت أعرابياً تقدم حتى قام حذاء الكعبة ثم قال: تفهموا عني، واحفظوا مقالتي، ثم رفع صوته فقال:
ألا يَا مَنْ لعَينٍ قَد عَصَتْني، ... وَقَلْبٍ قَدْ أبى إلاّ الحَنِينَا
وَنَفسٍ لا تَزَالُ الدّهرَ تَهفُو ... كأنّ بها لِما تَهفُو جُنُونَا
أُحِبُّ الغانياتِ، وَلَيسَ قَلبي ... بِسَالٍ مَا بَقيتُ وَما بَقينَا
وَجُملٌ، ما علِمتُ، غَرِيمُ سوء، ... تُمَنّينَا وَتَمْطُلُنا الدّيُونا
فرآني وأنا أكتب ما ينشد، ثم قلت له: ويحك! هذا هو الخسران المبين؛ أتفعل هذا في مثل هذا الموضع؟ قال: بل الخسران المبين ما أنت فيه؛ أنا معذور مسلوب العقل، جئت مستجيراً بربي لما أجد من قلبي، وأنت تكتب بلايا العاشقين مؤثراً لها في هذا الموضع، تنح عني لا قدس الله روحك!
أخبرنا أبو محمد الجوهري، رحمه الله تعالى قراءة عليه، حدثنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز، حدثنا محمد بن خلف، أخبرني إسحق بن محمد، حدثني أبو معاذ النميري قال: لقي مجنون بني عامر الأحوص بن محمد الأنصاري، فقال له: حدثني حديث عروة بن حزام! قال: فجعل الأحوص يحدثه وهو يسمع، حتى