أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن بشران النحوي مكاتبة، حدثنا ابن دينار، أخبرنا أبو الفرج الأصبهاني قال: كان خالد الكاتب، وهو خالد بن يزيد، ويكنى أبا القاسم، من أهل بغداد، وأصله من خراسان، وكان أحد كتاب الجيش، فوسوس في آخر عمره، وقيل: إن السوداء غلبت عليه، وقال قوم: بل كان يهوى جاريةً لبعض الملوك ببغداد، فلم يقدر عليها، وولاه محمد بن عبد الملك العطاء بالثغور، فخرج، فسمع في طريقه منشداً ينشد، ومغنية تغني:
مَن كان ذا شَجَنٍ بالشامِ يَطلبُهُ، ... فَفي حِمَى الشامِ لي أهلٌ وَلي شجنُ
فبكى حتى سقط على وجهه مغشياً عليه، ثم أفاق مختلطاً، واتصل ذلك حتى وسوس وبطل.
قال ولخالد مما غني به:
يا تَارِكَ الجِسْمِ بلا قَلْبِ؛ ... إن كنتُ أهوَاكَ فما ذَنبي؟
يا مُفرَداً بالحُسنِ أفرَدتَني ... مِنكَ بطُولِ الهَجرِ وَالحبّ
إن تكُ عَيني أبصَرَتْ فتنةً، ... فَهَلْ على قَلبيَ من عَتْبِ
حَسِيبُكَ اللهُ لِمَا بي كمَا ... أنّكَ في فِعلِكَ بي حَسبي