أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن سعيد بفسطاط مصر بقراءتي عليه، أخبرنا أبو صالح السمرقندي، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن القاسم بن أليسع، حدثنا أحمد بن محمد بن عمرو الدينوري، حدثنا أبو محمد جعفر بن عبد الله الصوفي قال: قال أبو حمزة الصوفي: حدثني عبد الله بن الزبير الحنفي قال: كنت جالساً مع أبي النظر الغنوي، وكان من المبرزين الخائفين العابدين، فنظر إلى غلام جميل فلم تزل عيناه واقفتين عليه. حتى دنا منه. فقال له: سألتك بالله السميع وعزه الرفيع وسلطانه المنيع ألا وقفت علي أروى من النظر إليك! فوقف قليلاً ثم ذهب. فقال له: سألتك بالحكيم المجيد الكريم المبدي المعيد ألا وقفت! فوقف ساعةً، فأقبل يصعد النظر فيه ويصوبه ثم ذهب، فقال: سألتك بالواحد الجبار الصمد الذي لم يلد ولم يولد إلا وقفت! فوقف ساعةً ثم نظر إليه طويلاً، ثم ذهب، فقال: سألتك باللطيف الخبير السميع البصير، وبمن ليس له نظير ألا وقفت! فوقف فأقبل ينظر إليه ثم أطرق إلى الأرض. ومضى الغلام، فرفع رأسه بعد طويل، وهو يبكي، وقال: لقد ذكرني هذا بنظري إليه وجهاً جل عن التشبيه، وتقدس عن التمثيل، وتعاظم عن التحديد، والله لأجهدن نفسي في بلوغ رضاه بمجاهدتي جميع أعدائه، وموالاتي لأوليائه حتى أصير إلى ما أردته من نظري إلى وجهه الكريم وبهائه العظيم، ولوددت أنه قد أراني وجهه وحبسني في النار ما دامت السموات والأرض؛ ثم غشي عليه.