فبقيت متعجباً منهما، فبينا أنا أنظر إذ مر بنا مار وهو يقود إبلاً معه، فجعل يغني ويقول:
بزَينبَ ألمِمْ قَبلَ أن يرْحَلَ الرَّكبُ، ... وَقُلْ إنْ تَمَلّيْنَا فَمَا مَلّكِ القلبُ
قال: فوثبت الزنجية إلى الزنجي، فخبطته وضربته، وهي تقول: شهرتني في الناس، شهرك الله. فقلت: من هذا؟ قالوا لي: نصيب الشاعر، وهذه زينب. وذكر الزبير ضد هذا الخبر.
أخبرنا القاضيان أبو الحسين أحمد بن علي التوزي وأبو القاسم علي بن المحسن التنوخي قالا: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز، حدثنا محمد بن خلف، حدثنا الحسن بن مكرم بن حسان، حدثنا علي بن عاصم عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما أعتقت بريرة، وكان زوجها حبشياً، خيرت، فاختارت فراقه، فكان يطوف حولها، ودموعه تسيل على خديه حباً لها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعمه العباس: أما ترى شدة حبه لها، وشدة بغضها له؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لو تزوجته؟ قالت: إن أمرتني. قال: لا آمرك، ولكني شفيع، فلم تفعل.
وبإسناده حدثنا محمد بن خلف، حدثنا محمد بن الهيثم، حدثنا يوسف بن عدي عن سعيد وأيوب عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس: أن زوج بريرة كان عبداً أسود مولىً لبني المغيرة، يوم أعتقت، والله لكأني به في أطراف المدينة ونواحيها، وإن دموعه لتجري على لحيته، يتبعها ويترضاها لتختاره فلم تفعل.