ذكر أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز، ونقلته من خطه، أن أبا بكر محمد خلف بن المرزبان حدثهم قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الكوفي، حدثنا الهيثم بن عدي، حدثني سعيد بن شيبان عن أبي مسعود الأسلمي عن أبيه قال: نشأ فينا غلام يقال له عبد الله بن علقمة، وكان جميلاً، فهوي جاريةً من غير فخذه، يقال لها حبيشة، فكان يأتيها، ويتحدث إليها. قال: فخرج ذات يوم من عندها، ومعه أمه، فراى في طريقه ظبيةً على رابية، فأنشأ يقول:
يا أُمَّنا خَبّرِينا، غَيرَ كاذِبَةٍ، ... وَلا تَشوبي سؤولَ الخيرِ بالكذِبِ.
حُبَيشُ أحسَنُ أمْ ظَبيٌ بَرابيَةٍ، ... لا بل حُبيشةُ من دُرٍّ وَمن ذهَبِ.
انصرف من عندها مرةً أخرى، فأصابته السماء، فأنشأ يقول:
وَما أدْرِي، إذا أبْصَرْتُ يَوْماً، ... أصَوْبُ القَطْرِ أحْسَنُ أمْ حُبَيشُ.
حُبَيشٌ، وَالّذِي خَلَقَ البَرَايَا ... عَلى أنْ لَيسَ عِندَ حُبَيشَ عَيشُ.
فلما كثر ذلك منه وشهر بها، قال قومه لأمه: إن هذا الغلام يتيم، وإن أهل هذه المرأة يرغبون بأنفسهم عنكم، فانظري جاريةً ن قومك ممن لا تمتنع عليك، فزيّنيها واعرضيها عليه لعله يتعلقها ويسلى، ففعلت، وحضرها نساؤها، فجعلوا يعرون عليه نساء الحي، ثم يقولون له: يا عبد الله! كيف ترى؟ فيقول: إيهاً، والله حسناء، إلى ان قال قائل: أهي أحسن أم حبيشة؟ فقال: مرعى ولا كالسعدان.
فلما يئسوا من أن ينصرف عنها، قال بعضهم لبعض: عليكم بحبيشة،