أخبرنا أبو جعفر بن مسلمة في ما أذن لنا في روايته أن أبا القاسم إسماعيل بن سعيد بن سويد أخبرهم إجازة قال: حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، حدثني أبي، حدثنا أحمد بن عبيد عن أبي الحسن المدائني عمن حدثه عن مولى لعنبسة أن سعيد بن العاص قال: كنت أدخل مع عنبسة بن سعيد إذا دخل على الحجاج، فدخل يوماً، فدخلت إليهما، وليس عند الحجاج غير عنبسة، فقعدت فجيء الحجاج بطبق فيه رطب، فأخذ الخادم منه شيئاً فجاءني به، ثم جيء بطبق، حتى كثرت الأطباقن وجعل لا يؤتون بشيء إلا جاءني منه بشيء، جتى ظننت أن ما بين يدي أكثر مما عندهم، ثم جاء حاجب فقال: امرأة بالباب، فقال له الحجاج: أدخلها! فدخلت، فلما رآها الحجاج، طأطأ رأسه حتى ظننت أن ذقنه قد اصاب الأرض، فجاءت حتى بين يديه، فنظرت إليها فإذا هي امرأة قد أسنت، حسنة الخلق، ومعها جاريتان لها، وإذا هي ليلى الأخيلية، فسألها الحجاج عن نسبها، فانتسبت له، فقال لها: يا ليلى ما أتىبك؟ فقالت: إخلاف النجوم، وقلة الغيوم، وكلب البرد، وشدة الجهد، وكنت لنا بعد الله الرفد.
فقال لها: صفي لنا الفجاج.
فقالت: الفجاج مغبرة، والأرض مقشعرة، والمنزل معتل، وذو العيال مختل، والهالك المقل، والناس مسنتون، رحمة الله يرجون. وأصابتنا سنون مجحفة مبطلة لم تدع لنا هيعاً ولا ريعاً، ولا عافطة