قال: فدنوت منها، فقلت: يا هذه! من عمرو؟ فارتاعت من قولي وقالت: زوجي. فقلت: وما شأنه؟ قالت: أخبرني أنه يهواني وما زال يدس إلي ويعلق بي في كل طريق، ويشكو شدة وجده حتى تزوجني، فلبث معي قليلاً، وكان له عندي من الحب مثل الذي كان لي عنده، ثم مضى إلى جدة، وتركني.
قلت: فصفيه لي.
فقالت: أحسن من تراه، وهو أسمر حلو ظريف.
قال، فلت: فخبريني أتحبين أن أجمع بينكما؟ قالت: فكيف لي بذلك؟ وظنتني أهزل بها. قال: فركبت راحلتي وصرت غلى جدة فوقفت في المرقى أتبصر من يعمل في السفن، وأصوت: يا عمرو يا عمرو! فإذا أنا به خارج من سفينة، وعلى عنقه صن، فعرفته بالصفة، فقلت: أعمرو علام تجنبتني؟ فقال: هيه هيه، رأيتها وسمعته منها؟ ثم أطرق هنيهة ثم اندفع يغنيه، فأخذته منه، وقلت له: ألا ترجع؟ فقال: بأبي أنت، ومن لي بذلك؟ ذلك والله أحب الأشياء إلي ولكن منع منه طلب المعاش.
قلت: كم يكفيك كل سنة.
قال: ثلاثمائة درهم، فإعطيته ثلاثة آلاف درهم، وقلت: هذه لعشر سنين، ورددته إليها، وقلت له: إذا فنيت أو قاربت الفناء قدمت علي فسررتك، وإلا وجهت إليك، وكان ذلك أحب إلي من حجي.
قال محمد بن عبد الله قال إسحاق: والناس ينسبون هذا الصوت إلى إبراهيم، وكان إبراهيم، وكان إبراهيم أخذه من هذا الفتى.