ي شيئاً مما نزل بي من الموت، واعلم يا أخي أنك أرفع عند الله، عز وجل، ردحةً مني.
فقال: وبم ذاك؟ قال: بمصابك بي، فبكى عبد العزيز حتى ألصق خده بالأرض وأبكى من حضر من النساك وغيرهم، فقال له محمد: يا أخي لا تبك فإني في أمر عظيم، وعلى خطر جسيم هو أكبر عندي وأجل في قلبي من بكائك، وقد شغلني الفكر فيك وفي وحدتك بعدي عن بعض ما أنا فيه من ألم العلة، وقد تزايدت علتي لما أراه في وجهك من الحزن والغم، فإن استطعت أن تحتسبني عند الله، عز وجل، فافعلن، ولا تطلقن علي عبرةً ولا تذرين بعدي دمعة، فإني منقول إلى رحمة وصائر إلى نعمة، لول كان أحد أحق بالبكاء من أحد لكنت أحق به لما نزل بي من الموت وشدة كربه وحياء مما حضرني من ملائكة ربي.
فصعق عبد العزيز، وخر مغشياً عليه، فدنوت من محمد بن الحسن، فقلت: ألك حاجة أو أمر توصيني به؟ فقال: أوصيك بإيثار تقوى الله، عز وجل، على جميع الأمور، وحاجتي أن تحفظني في أخي هذا، فإنه من أهم من أترك بعدي.
فقال له أبو المغلس الصوفي، وكان يشبه خشوعه بخشوع أبي عبد الله الديلمي: يا أبا عبد الله! قد عشتما مصطحبين منذ كنتما صغيرين، لا نعرف لأحد منكما خزيةً ولا نحفظ عليكما زلةً، فنشأتما على أمر واحد لم تتهاجرا، ولم تختصما، ولم تتفرقا، وقد تكلم بعض الناس فيكما بكلام قد رفع الله أقداركما عنه لما بيَّن الله تعالى اليوم من أموركما، ونشر من حسن طويتكما، فالحمد لله على ما أولاكما من ذلك. وقد تذكر أن أعلام الموت إليك قد أقبلتن والملائكة منك قد اقتربت، وإني أثق بفهمك، لما أعلم من حسن عقلك، فهل ترى أحداً منهم؟