هم ألِبّا ذوو عقولٍ، ولكِن ... قد شجاهُم جميعُ ما يَعرِفونا.
قال: فدنوت إليها فقلت: لمن الزرع؟ فقالت: لنا إن سلم، فتركتها وأتيت بعض الأخبية، فأرخت السماء كأفواه القرب فقلت: والله لآتينها فأنظر قصتها في هذا المطر، فإذا أنا بالزرع قد غرق، وإذا هي قائمة نحوه وهي تقول: والذي أسكن قلبي من طرف سحر بصفي محبة اشتياقك، إن قلبي ليوقن منك بالرضا، ثم التفتت إلي فقالت: يا هذا! إنه زرعه، فأنبته، وأقامه، فسنبله، وركبه، وأرسل عليه غيثاً فسقاه، واطلع عليه فحفظه، فلما دنا حصاده، أهلكه، ثم رفعت راسها نحو السماء فقالت: العباد عبادكن وأرزاقهم عليك، فاصنع ما شئت! فقلت لها: كيف صبرك؟ فقالت: اسكت يا عتبة.
إنّ إلهي لَغَنيُّ حَمِيد، ... في كل يوْمٍ منه رِزْقٌ جديد.
الحمْدُ لله الذي لم يَزَلْ ... يفعل بي أكثر مما أُريد.
قال عتبة: فوالله ما ذكرت كلامها إلا هيجني.
وحكى الصقر بن عبد الرحمن الزاهد قال: كان ريحان المجنون يقول في دعائه: اللهم قصدتك آمالي، الطمع رغبتي فيك، وولهت بك جوارحي لمواصلات الوداد إليك. ثم يقول:
كَتَبَ الناسكُ بِالدّمْ ... عِ إلى الحُورِ كِتَابا.
لا بِأقْلامٍ ولكِنْ ... خَطّ بالدّمعِ سَحَابَا.
من فتىً أقلَقَهُ الشَوْ ... قُ وَأضْنى وَأذابَا.