مسكن، فأوحى الله، عز وجل، إليه: استبطأتني، وعزتي لأزوجنك، يوم القيامة، حوراء، ولأولمن عليك أربعة آلاف سنة.
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن علي الوكيل قال: حدثنا الحسن بن حسين بن حكمان قال: حدثنا أبو الفتح البصري قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الصوفي قال: حدثنا أبو العباس بن عطاء قال: حكي لنا عن الأصمعي قال: دخلت بعض أحياء العرب فإذا بقوم شحبٍ ألوانهم، فقلت في نفسي: إن هؤلاء قد وقعوا على داء، فأنا أخرج من بينهم.
قال: فذهبت لأخرج فإذا بعضهم يقول لي: إلى أين، يا أخا العرب؟ فقلت: أطلب لدائكم دواءً. فقال: ارجع، عافاك الله، فإنا قوم ليس لدائنا دواء، نحن قوم فشت في قلوبنا محبة الله، فتغيرت ألواننا. قال الأصمعي: فأعجبيني ما سمعت لأنني ما سمعت مثله قط. قال: فرجعت إلى الحي، ولم أزل أور فرأيت خباء شعر منفرداً عن البيوت، فقصدته، فاطلعت فيه، فإذا أنا بفتىً حسن الوجه في عنقه سلسلة مشدودة سكة في الأرض، قال: فهالني ما رأيت منه، فقلت: يا فتى ما شأنك؟ فقال: يا ابن عمي! يقولون إني مجنون! فقلت: أهو كما يقولون؟ فقال لي: لا والله ما أنا بمجنون، ولكني بحب الله مفتون.
قال: قلت فصف لي الحب! فقال: إليك عني، يا أخل العرب، جل عن أن يحد، وخفي أن يرى، كمن في الحشا كمون النار في الحجر، إن قدحته أورى، وإن تركته توارى، ثم صفق وأنشأ يقول:
أأنْتَ الذي أصْفَيتَ منكَ موَدّةً ... قلائِعُها في ساحَةِ القلبِ تُغرَسُ.
وإن كان لي من فَقد قلبي موحشٌ، ... فقد ظلّ لي من فكرَتي فيك مؤنسُ.
أناجِيكَ بالإضْمارِ حتى كَأنّني ... أرَاك بعينَيْ فكرَتي، حينَ أجلِسُ.